الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> قال بعضهم: حكمة الأمر بتسوية الصفوف أن المصلين دعوا إلى حالة واحدة مع الحق، وهي الصلاة فساوى في هذه الدعوة بين عباده فلتكن صفتهم فبها إذا أقبلوا إلى ما دعاهم إليه تسوية الصفوف. لأن الداعي [ص 532] ما دعى الجماعة إلا ليناجيهم من حيث إنهم جماعة على السواء لا يختص واحد دون آخر، فلا يتأخر واحد عن الصف ولا يتقدم بشيء منه يؤدي إلى اعوجاجه. - (طب عن واثلة) بن الأسقع قال الهيتمي وغيره فيه أيوب بن مدرك وهو منسوب إلى الكذب. أهـ. فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب. 1087 - (أصل كل داء البردة) أي التخمة، وهي بفتح الراء على الصواب خلاف ما عليه المحدثون من السكون. ذكره الدارقطني في كتاب التحيف، لكن صرح القاموس بجوازه، بل جعله أصلاً حيث قال: البردة وتحرك: التخمة، وذلك لأنها تبرد حرارة الشهوة وتثقل الطعام على المعدة من برد ثبت وسكن كما يفيده قول ابن الأثير كغيره: سميت به لأنها تبرد المعدة فلا تستمرئ الطعام. وذلك بمعنى تفسير بعض الأطباء بأنها إدخال الطعام على الطعام قبل هضم الأول، فإن بطء الهضم أصله البرد الذي بردت منه المعدة، قال بعض شعراء الأطباء في ذلك: ثلاث مهلكات للأنام * وداعية السقام إلى السقام دوام مدامة ودوام وطء * وإدخال الطعام على الطعام والقصد ذم الإكثار من الطعام (قيل) لو سئل أهل القبور ما سبب قصر آجالكم؟ لقالوا التخمة. ذكره الزمخشري. قال الراغب: وأصل الشيء قاعدته التي لو توهمت مرتفعة لارتفع بارتفاعها سائره - (قط) في العلل من حديث محمد ابن جابر عن تمام بن نجيح عن الحسن البصري (عن أنس) بن مالك. وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه ساكتاً عليه. والأمر بخلافه، بل تعقبه بتضعيفه كما حكاه المصنف نفسه عنه في الدرر تبعاً للزركشي وقال روي عن الحسن من قوله وهو أشبه بالصواب. أهـ. وقال ابن الجوزي قال ابن حبان تمام منكر الحديث يروي أشياء موضوعة عن الثقات، كان يتعمدها. أهـ. وقال ابن عدي والعقيلي حديثه منكر، وعامّة ما يرويه لا يتابع عليه، وفي الميزان محمد هذا حلبي ولعل البلاء منه (ابن السني وأبو نعيم) وكذا المستغفري كلهم (في الطب) النبوي (عن علي) أمير المؤمنين وفيه إسحاق بن نجيح الملطي كان يضع الحديث (وعن أبي سعيد) الخدري (وعن الزهري مرسلاً) رمز المصنف لضعفه، قال بعضهم: ولا يصح شيء من طرقه وقال ابن عدي باطل بهذا الإسناد، وجعله في الفائق من كلام ابن مسعود. 1088 - (أصلح) يا أبا كاهل (بين الناس) أي أزل ما بينهم من الشحنة والتباغض (ولو) أنك (تعني الكذب) قال في الفردوس، يريد ولو أنك تقصد الكذب. يقال عنيت فلاناً عنياً إذا قصدته، والمراد أن ذلك جائز بل مندوب وليس من الكذب المنهي عنه، بل قد يجب الكذب. ولفظ رواية الطبراني: أصلح بين الناس ولو بكذا وكذا: كلمة لم أفهمها. قلت ما عنى بها؟ قال عنى الكذب. أهـ. بلفظه. - (طب عن أبي كاهل) الأحمس، يقال اسمه قيس بن عائذ، وقيل عبد الله بن مالك صحابي رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته. وقال وقع بين رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً حتى تصارما فلقيت أحدهما، فقلت مالك ولفلان سمعته يحسن عليك الثناء ويكثر لك من الدعاء، ولقيت الآخر فقلت نحوه، فما زلت حتى اصطلحا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فذكره. قال الهيتمي فيه أبو داود الأعمى وهو كذاب. أهـ. فكان الأولى للمصنف حذفه من الكتاب. 1089 - (أصلحوا دنياكم) أي أصلحوا معاش دنياكم بنعهد ما في أيديكم بتنميته بحلال المكاسب لمعونته على دينكم ومكارم [ص 533] أخلاق الإسلام التي فيها عمارة آخرتكم. والخطاب للمقتصدين الذين لم يبلغوا ذروة التوكل ومعهم علقة الأسباب ليبوؤا بملابستها والاستعانة بها على الآخرة (واعملوا) صالحاً (لآخرتكم) بجد واجتهاد وإخلاص مع قصر أمل (كأنكم تموتون غداً) كنى به عن قرب الزمن جداً والمراد اجعلوا الموت نصب أعينكم واعملوا على ذلك لما أمرهم بإصلاح المعاش خشي من تعلقهم به والتقصير في الأعمال الأخروية فأردفه بما يبين أن عليهم مع ذلك، بذل الجهد في العمل الأخروي وأنه لا رخصة في تركه ألبتة. - (فر عن أنس) بن مالك وفيه زاهر بن ظاهر الشحامي قال في الميزان كان يخل بالصلوات فترك الرواية عنه جمع، وعبد الله بن محمد البغوي الحافظ تكلم فيه ابن عدي وراويه عن أنس مجهول. 1090 - (اصنع المعروف) قال البيضاوي: هو ما عرف حسنه من الشارع (إلى من هو أهله وإلى غير أهله) أي افعل مع أهل المعروف ومع غيرهم، قال ابن الأثير الاصطناع اتخاذ الصنيع (فإن أصبت أهله أصبت أهله) قال ابن مالك قد يقصد بالخير المفرد بيان الشهرة وعدم التغير فيتحد بالمبتدأ لفظاً، وقد يفعل هذ بجواب الشرط نحو من قصدني فقد قصدني أي قصد من عرف بالنجاح واتحاد ذلك يؤذن بالمبالغة في تعظيم أو تحقير (وإن لم تصب أهله كنت أنت أهله) لأنه تعالى يقول <تنبيه> قال الراغب: الفرق بين الصنع والفعل والعمل أن الصنع إنما يكون من الإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلا لما كان بإجادة، والصنع قد يكون بلا فكر لشرف فاعله، والفعل قد يكون بلا فكر لنقص فاعله، والعمل لا يكون إلا بفكر لتوسط فاعله، والصنع أخص الثلاثة، والعمل أوسطها، والفعل أعمها، وكل صنع عمل ولا عكس: وكل عمل فعل ولا عكس، وهكذا لا يعارضه ما مر من أن المعروف إنما ينبغي أن يفعل مع أهل الحفاظ وأن الله إذا أراد بعبد خيراً جعل معروفه فيهم لأن ما هناك عند وجود الأهل وغير الأهل فيعدل عن الأهل لغيرهم وما ههنا فيما إذ لم يوجد إلا غير أهل وهو محتاج. قال بعض الشراح هذا الحديث أبلغ حث على استدامة صنائع المعروف حتى يصير طبعاً لا يميز بين أهله وهو من يعترف فيجازى ويشكر ويثنى، وبين من لا يعترف فلا يجازى ولا يثنى فإنه أكمل في المكارم وأجزل في الثواب (تتمة) قال بعضهم: وقع لوالي بخارى وكان ظالماً طاغياً أنه رأى كلباً أجرب في يوم برد يرتعد فأمر بعض خدمه بحمله لبيته وجعله بمحل حار وأطعمه وسقاه فقيل له في نومه كنت كلباً فوهبناك لكلب، فأصبح فمات فكان له مشهد عظيم لشفقته على كلب. وأين المسلم من الكلب؟ فافعل خيراً ولا تبال فيمن لم يكن أهلاً له واطلب الفضائل لأعيانها وارفض الرذائل لأعيانها واجعل الخلق تبعاً ولا تقف مع ذمهم ولا حمدهم. لكن قدم الأولى فالأولى إن أردت أن تكون من الحكماء المتأدبين بآداب الله. - (خط في رواية مالك) ابن أنس (عن ابن عمر) بن الخطاب (ابن النجار) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين. قال الحافظ العراقي في المغني وذكره الدارقطني أيضاً في العلل وهو ضعيف أهـ. وذلك لأن فيه بشر بن يزيد الأزدي قال في اللسان عن ذيل الميزان له عن مالك مناكير ثم ساق منها هذا الخبر ثم عقبه بقوله قال الدارقطني إسناده ضعيف ورجاله مجهولون وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن بشير هذا من حديثه عن أبيه عن مالك عن نافع عن ابن عمر وقال إسناده مظلم وخبر باطل أطلق الدارقطني على روايته الضعف والجهالة. 1091 - (اصنعوا لآل جعفر) بن أبي طالب الذي جاء نعيه (طعاماً) يشبعهم يومهم وليلتهم (فإنه قد أتاهم ما يشغلهم) عن [ص 534] صنع الطعام لأنفسهم في ذلك اليوم لذهولهم عن حالهم بحزنهم على ميتهم، وهذا قاله لنسائهم لما قتل جعفر وجاء الخبر بموته، فطحنت سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم شعيراً ثم أدمته بزيت وجعلت عليه فلفلاً ثم أرسلوه إليهم. قال ابن الأثير: أراد اطبخوا واخبزوا لهم، فيندب لجيران الميت وأقاربه الأباعد صنع ذلك ويحلفون عليهم في الأكل: ولا يندب فعل ذلك لأهله الأقربين لأنه شرع في السرور لا في الشرور فهو بدعة قبيحة كما قاله النووي وغيره، قال في المطامح: وجرت العادة بالمكافأة فيه وربما وقع التحاكم فيه بين الأجلاف. قال ابن الحاج: وينبغي لأهل الميت التصدق بالفاضل أو إهداؤه. <تنبيه> قال القرطبي: الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام والمبيت عندهم كل ذلك من فعل الجاهلية قال ونحو منه الطعام الذي يصطنعه أهل الميت في اليوم السابع ويجتمع له الناس يريدون به القربة للميت والترحم عليه وهذا لم يكن فيما تقدم ولا ينبغي للمسلمين أن يقتدوا بأهل الكفر وينهي كل إنسان أهله عن الحضور لمثل هذا وشبهه من لطم الخدود وشق الجيوب واستماع النوح وذلك الطعام الذي يصنعه أهل الميت كما ذكر فيجتمع عليه الرجال والنساء من فعل قوم لاخلاق لهم. قال وقال أحمد هو من فعل الجاهلية. قيل له أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاماً إلى آخره فإن لم يكونوا اتخذوا إنما اتخذ لهم فهذا كله واجب على أن الرجل له أن يمنع أهله منه، فمن أباحه فقد عصى الله وأعانهم على الإثم والعدوان. إلى هنا كلامه، قال ابن العربي: وإنما يسن ذلك في يوم الموت فقط، قال وهذا الحديث أصل في المشاركات عند الحاجة. وقد كان عند العرب مشاركات ومواصلات في باب الأطعمة باختلاف أسباب وحالات. - (حم د ت ه ك) وكذا الطيالسي والشافعي وابن مقنع والطبراني والديلمي وغيرهم كلهم (عن عبد الله بن جعفر) قال لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره. قال الحاكم صحيح، وقال الترمذي حسن وقال عبد الحق كذا قال الترمذي ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه خالد بن سارة لا يعرف حاله. أهـ. وفي الميزان إسناده غريب ومنته، فتصحيح الحاكم ثم البيهقي له منتقد. 1092 - (اصنعوا ما بدا لكم) في جماع السبايا من عزل أو غيره (فما قضى الله تعالى) بكونه (فهو كائن) لا محالة عزلتم أم لا ففعل العزل وعدمه سواء (وليس من كل الماء) أي المني هذا المراق في الوحم (يكون الولد) وهذا قاله لما قالوا يا رسول الله إنا نأتي السبايا ونحب أثمانهن فما ترى في العزل؟ فذكره، وفيه جواز العزل لكنه في الحرة مكروه تنزيهاً إلا بإذنها عند الشافعي كما يأتي. وذهب ابن حزم إلى تحريم العزل مطلقاً تمسكاً بقوله في خبر ذلك الوأد الخفي. ورد بأنه لا يلزم من تسميته وأداً على طريق التشبيه كونه حراماً، وأما بأنه مخصوص بالعزل عن المرضع لإضرار الحبل بالولد بالتجرية. - (حم عن أبي سعيد) الخدري. قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فذكره، رمز المصنف لحسنه وهو كذلك وأهلاً. 1093 - (اضربوهن) أي اضربوا نساءكم اللاتي تخافون نشوزهن (ولا يضرب إلا شراركم) أما الأخيار فيرون اللائق سلوك سبيل العفو والحلم والصبر عليهن وملاينتهن بالتي هي أحسن واستجلاب خواطرهن بالإحسان بقدر الإمكان وفيه جواز ضرب المرأة للنشوز، أي إن ظن إفادته. - (ابن سعد) في طبقاته (عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق المدني أحد الأئمة الأعلام (مرسلاً) أرسل عن أبي هريرة وغيره. وسبب هذا الحديث أن رجالاً شكوا النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لهم في ضربهن، فطاف تلك الليلة منهن نساء كثير يذكرن ما لقي نساء المسلمين. فنهى عن ضربهن فقال الرجال يا رسول الله زاد النساء على الرجال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اضربوهن [ص 535] ولا يضرب إلخ. وقضية تصرف المؤلف لم ير هذا الحديث مسنداً وإلا لما عدل رواية إرساله وهو عجيب فقد خرجه البزار عن عائشة مرفوعاً وغاية ما يعتذر به للمؤلف أن رواية الإرسال أصح: وبفرض تسليمه فهذا لا يجدي نفعاً، لأنه كان الأولى ذكرهما معاً. 1094 - (اضمنوا لي ست خصال) أي التزموا بالمحافظة على فعل ست خصال (أضمن) بالجزم جواب الأمر (لكم الجنة) أي العزم لكم في مقابل ذلك بدخولها مع السابقين الأولين أو من غير تعذيب وليس المراد بالضمان هنا معناه الشرعي بل اللغوي، وعبر عنه بذلك تحقيقاً لحصول الوعد إن حوفظ على المأمور به، قالوا وما هي يا رسول الله؟ قال (لا تظالموا)بحذف إحدى التاءين تخفيفاً أي لا يظلم بعضكم بعضاً (عند قسمة مواريثكم) بل اقسموها على ما أمر الله به وأعطوا كل ذي حق حقه من فرض أو تعصيب ما وجب له، فحرمان بعض الورثة أو تنقيصه مما يستحقه حرام شديد التحريم حتى على المورث (وأنصفوا الناس من أنفسكم) بأن تفعلوا معهم ما تحبون أن يفعلوه معكم (ولا تجبنوا) بضم المثناة فوق وسكون الجيم (عند قتال عدوكم) أي لا تهابوهم فتولوا الأدبار، با احملوا عليهم واصدقوا اللقاء واثبتوا حيث كانوا مثليكم أو أقل. والجبن بالضم: ضعف القلب عما يجب أن يقوى فيه. ذكره الراغب وغيره (ولا تغلوا) بفتح المثناة فوق وضم الغين المعجمة (غنائمكم) أي لا تخونوا فيها فإن الغلول كبيرة (فأنصفوا) لفظ جامعه الكبير وامنعوا (ظالمكم من مظلومكم) أي خذوا للمظلوم حقه ممن يظلمه بالعدل والقسط فإن إهمال ذلك مع القدرة عليه من قبيل ترك الأمر بالمعروف وإهمال النهي عن المنكر، والخطاب للحكام أو عام، ويدخلون فيه دخولاً أولياً أولوياً، ومقصود الحديث أن الإنسان إذا حافظ على هذه الخصال مع القيام بالفروض العينية يتكفل له المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بإدخاله الجنة مع الأولين أو بغير عذاب. (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيتمي فيه العلاء بن سليمان الرقي وهو ضعيف، وقال ابن عدي منكر الحديث اهـ والعلاء رواه عن خليل بن مرة وقد ضعفه ابن معين وغيره فحينئذ رمز المؤلف لحسنه إن سلم فهو من قبيل الحسن لغيره. 1095 - (اضمنوا لي ستاً) من الخصال (من أنفسكم) بأن تداوموا على فعلها (أضمن لكم الجنة) أي دخولها (اصدقوا إذا حدثتم) أي لا تكذبوا في شيء من حديثكم إلا إن ترجح على الكذب مصلحة أرجح من مصلحة الصدق في أمر مخصوص كحفظ معصوم (وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم) - (حم حب ك هب) من حديث المطلب (عن عبادة بن الصامت) قال الهيتمي بعد عزوه لأحمد والطبراني إلا أن المطلب لم يسمع من عبادة. وقال المنذري بعد عزوه لأحمد والحاكم وأنه صححه: المطلب لم يسمع من عبادة، وقال الذهبي في اختصاره للبيهقي إسناده صالح، وقال العلائي في أماليه سنده جيد وله طرق هذه أمثلها وفي كلامهما إشارة إلى أنه لم يرتق عن درجة الحسن. 1096 - (أطب) بفتح الهمزة وكسر الطاء من أطاب (الكلام) أي تكلم بكلام طيب: يعني قل لا إله إلا الله خالصاً، أو حافظ على قول الباقيات الصالحات، أو خاطب الناس بالملاينة والملاطفة وتجنب الغلظة والفظاظة وخالق الناس بخلق حسن. وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وأصلح بين الناس وعلم الجاهل وأرشد الضال وقل الحق وإن كان مراً وانصح ونحو ذلك (وأفش السلام) انشره بين من تعرفه ومن لا تعرفه من المسلمين الذين يندب عليهم السلام شرعاً (وصل) بكسر الصاد: أمر من الصلة (الأرحام) أي أحسن إلى أقاربك بالقول والفعل (وصل بالليل والناس نيام) أي تهجد حال نيام غالب الناس (ثم) إذا فعلت ذلك (ادخل الجنة بسلام) أي مع سلامة من الآفات وأمن من المخوفات. والمراد أن فعل المذكورات من الأسباب الموصلة إلى الجنة، وهذا قاله قبل دخوله المدينة. - (حب حل عن أبي هريرة) وفيه عند أبي نعيم عبد الله بن صالح بن عبد الجبار قال في اللسان عن العقيلي شيخ مجهول. 1097- (أطت السماء) بفتح الهمزة وشد الطاء: صاحت وأنت وصوتت من ثقل ما عليها من ازدحام الملائكة وكثرة الساجدين فيها منهم من الأطيط، وهو صوت الرحل والإبل من حمل أثقالها. وأل للجنس (وحق لها) وفي رواية ويحقها (أن تئط) بفتح المثناة فوق وكسر الهمزة وشد الطاء: أي صوتت وحق لها أن تصوت لأن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت. قال ابن الأثير: وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة كثرة لا يسعها عقل البشر وإن لم يكن ثم أطيط وإنما هو تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. قال ابن حجر: وقوله تئط بفتح أوله وكسر الهمزة والأطيط صوت البعير المثقل (والذي) أي والله الذي (نفس محمد بيده) أي بقدرته وإرادته وتصريفه (ما فيها موضع بشر) ولا أقل منه بدليل رواية ما فيها موضع أربع أصابع (إلا وفيه جبهة ملك ساجد يسبح الله ويحمده) أي يقول حال سجوده سبحان الله وبحمده، فهذا هو الذكر المأثور للملائكة فيه، والذكر المأثور للبشر سبحان ربي الأعلى، وهذا على طريق الاستعارة بالكناية، شبه السماء بذي صوت من الإبل المقتوبة فأطلق المشبه وهو السماء وأراد المشبه به وهو الإبل ثم ذكر شيئاً من لوازم الإبل والأقتاب وهو الصوت المعبر عنه بقوله أطت السماء ينتقل الذهن منه. روى ابن عساكر أنّ في السماء ملائكة قياماً لا يجلسون أبداً، وسجوداً لا يرفعون أبداً، وركوعاً لا يقومون أبداً، يقولون: ربنا ما عبدناك حق عبادتك. أهـ. وقال ابن الزملكاني: وقد دلّ هذا الخبر ونحوه على أن الملائكة أكثر المخلوقات عدداً وأصنافهم كثيرة. وقد ورد في القرآن من ذلك ما يوضحه ومعرفة قدر كثرتهم [ص 537] وتفصيل أصنافهم موكول إليه سبحانه وتعالى - (ابن مردويه) في التفسير (عن أنس) بن مالك. رمز المؤلف لضعفه ورواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي ذر مرفوعاً بلفظ: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته، وفي رواية الترمذي ساجداً لله تعالى، وهذا الحديث حسن أو صحيح. 1098 - (أطع كل أمير) ولو جائراً فيما لا إثم فيه وجوباً (وصل خلف كل إمام) ولو فاسقاً، ومن ثم كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج. قال الشافعي: وكفى به فاسقاً (ولا تسبنّ) بفتح الفوقية وضم المهملة وفتح الموحدة ونون التوكيد: أي لا تشتمنّ (أحداً من أصحابي) لما لهم من الفضائل وحسن الشمائل التي منها نصرة الإسلام والذب عن الدين، ولما وقع بينهم من الحروب محامل. - (طب) من حديث مكحول (عن معاذ بن جبل) قال الهيتمي: ومكحول لم يسمع من معاذ فهو منقطع، ورواه البيهقي باللفظ المزبور من حديث إسماعيل بن عياش عن حميد اللخمي عن مكحول عن معاذ، قال الذهبي: هذا منقطع. 1099- (أطعموا الطعام) للبر والفاجر (وأطيبوا الكلام) لهما فإنه سبحانه أطعم الكفار واصطنع للبر والفاجر وأمر بذلك، وكان الحسن بن واصل يقاتل العدو فإذا جن الليل وضع الطعام ولم يمنع من يقاتله من الكفار فيل له فيه فقال إن شئلت عنه قلت منك أخذت وبأمرك ائتمرت، أطعمت من أطعمت وقاتلت من أمرت. وقيل المراد بإطعام الطعام السماح بالمال، وبطيب الكلام لا إله إلا الله. - (طب) وكذا الضياء في المختارة (عن الحسن بن علي) قال الهيتمي فيه القاسم بن محمد الدلال وهو ضعيف 1100- (أطعموا الطعام وأفشوا السلام) بقطع الهمزة فيهما: أي أعلنوه بين المسلمين (تورثوا الجنان) أي فعلكم ذلك وإدامتكم له يورثكم دخول الجنان مع السابقين برحمة الرحمن. - (طب عن عبد الله بن الحارث) صحابي شهد فتح مصر ومات سنة ست وثمانين، رمز المصنف لحسنه، قال الهيتمي رواه الطبراني بإسنادين أحدهما رجاله ثقات. 1101- (أطعموا طعامكم الأتقياء) لأن التقي يستعين به على التقوى فتكونون شركاء له في طاعته بالإعانة عليها - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في كتاب الإخوان) أي فضل زيارة الإخوان (ع) والديلمي (عن أبي سعيد) الخدري ورواه عنه أيضاً ابن المبارك في البر والصلة: قال ابن طاهر غريب وفيه مجهول 1102- (أطفال المؤمنين) أي أولادهم وذراريهم الذين لم يبلغوا الحلم (في جبل في الجنة) يعني أرواحهم فيه (يكفلهم) أي يحضنهم ويقوم بمصالحهم (إبراهيم) الخليل (و) زوجته (سارة) فنعم الوالدان ونعم الكاملان هما وهنيئاً مريئاً لولد فارق أبويه وأمسى عندهما. وسارة بسين مهملة وراء مشددة لأنها كانت لبراعة جملها تسر كل من يراها، وقيل إنها أعطيت سدس الحسن وهي بنت عمه وقيل بنت أخيه، وكان جائزاً في شرعه (حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة) أي ويرد ولد الزنا إلى أمه: وأسند الكفالة لهما والرد إلى إبراهيم خاصة، لأن المخاطب بمثله الرجال ولا ينافي ما ذكر هنا من كفالة إبراهيم لهم ما في خبر آخر من كفالة جبريل وميكائيل وغيرهما لهم لأن طائفة منهم في كفالة إبراهيم وطائفة في كفالة غيره فلا تدافع كما بينه القرطبي وغيره. قال في الإفصاح وغيره: أما مقر الروح فمختلف فيه بحسب المصاحب ومتنوع على قدر المراتب فأرواح في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش إذا باتت، وأرواح في قبة خضراء سندسية وعلى بارق نهر بباب الجنة العلية، وأرواح الأطفال عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح وأرواح في السماء الدنيا أيضاً وأرواح في السماء السابعة في دار يقال لها البيضاء، وأرواح في كفالة إبراهيم وأرواح في كفالة جبريل وأرواح في كفالة إسرافيل وأرواح في خزانة رفائيل وأرواح في بيت ممدود بين السماء والأرض وأرواح في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت وأرواح في بئر زمزم، ولكل روح اتصال معنوي ببدنها وتعلق قوي بجسدها بحيث يصلح أن يسلم عليها ويفهم ما يقع من الخطاب لديها وترد السلام كالشمس المنيرة فإنها في السماء وأشعتها في الأرض اهـ. وحينئذ فالمراد بالأطفال في هذا الحديث بعضهم، وفيه أن أطفال المؤمنين في الجنة. وقد حكى جمع عليه الإجماع، ومراده كما قال النووي إجماع من يعتد به. وأما خبر مسلم عن عائشة توفي صبي من الأنصار فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً، الحديث. فأجيب بأنه إنما نهاها عن التسارع إلى القطع بغير دليل أو أنه قبل علمه بأنهم في الجنة، وفيه أن الجنة موجودة الآن، وهو ما عليه أهل الحق، وأنها ذات جبال ولا ينافيه خبر أنها قيعان، لأن المراد أن أعظمها كذلك. - (حم ك والبيهقي في) كتاب (البعث عن أبي هريرة) قال الحاكم صحيح. 1103- (أطفال المشركين) أي أولاد الكفار الصغار (خدم أهل الجنة) يعني يدخلونها فيجعلون خدماً لمن فيها، وبهذا أخذ الجمهور، قال النووي: وهو الصحيح المختار كمن لم تبلغه الدعوة وأولى، وأما خبر الله أعلم ما كانوا عاملين فلا تصريح فيه، فإنهم ليسوا في الجنة، وخبر أحمد عن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد [ص 539] المشركين فقال في النار فضعيف وقيل بالوقف وقيل تحت المشيئة وقيل من علم الله كفره لو عاش في النار وخلافه في الجنة وقيل يصيرون تراباً وقيل غير ذلك والمعول عليه الأول. - (طس عن أنس) وسكت عليه ورواه في الكبير عن سمرة (ص عن سلمان) الفارسي (موقوفاً) عليه ورواه البخاري في تاريخه الأوسط عن سمرة مرفوعاً فإهمال المصنف له واقتصاره على من ذكر من ضيق الفطن. 1104 - (أطفئوا المصابيح) من بيوتكم (إذا رقدتم) أي نمتم لئلا تجر الفويسقة الفتيلة فتحرق البيت (وأغلقوا الأبواب) أبواب بيوتكم (وأوكؤا الأسقية) اربطوا أفواه القرب (وخمروا الطعام والشراب) أي استروه وغطوه (ولو بعود تعرضه عليه) مع ذكر الله فإنه السر الدافع وقد سبق تقرير ذلك مبيناً. - (خ عن جابر) بن عبد الله في عدة مواضع. 1105 - (اطلب) ممن بيده الضر والنفع والإعطاء والمنع والصحة والسقم (العافية) أي السلامة في الدين والبدن والمال والأهل (ترزقها) بالبناء للمفعول (في نفسك) فإنك كما تدين تدان وبالكيل الذي تكتال يكال لك فإن طلبت لغيرك السلامة في دينه جوزيت بمثله أو في بدنه أو أهله أو ماله جوزيت بمثله وهناك ملك موكل يقول ولك بمثل ذلك كما يأتي وقيل سبب تسمية أبي إسحاق الشيرازي بين الفقهاء بالشيخ المطلق أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال علمني كلمات أنجو بها غداً فقال يا شيخ اطلب السلامة في غيرك تجدها في نفسك. وآثر في الحديث التعبير بالرزق دون الإعطاء وغيره إشارة إلى أن العافية أعظم المواهب بعد الإيمان وإيماء إلى تحقق الإعطاء إذا صحب الطلب إخلاص سيما إذا كان بظهر الغيب. - (الأصبهاني في الترغيب عن ابن عمرو) بن العاص. 1106 - (اطلبوا) بهمزة وصل مضمومة إرشاداً (الحوائج) أي حوائجكم إلى ذوي الرحمة من أمتي أي إلى الرقيقة قلوبهم السهلة عريكتهم اللينة شكيمتهم. وجواب الأمر قوله (ترزقوا وتنجحوا) بفتح المثناة فوق وسكون النون وفتح الجيم أي تصيبوا حوائجكم وتبلغوا مقاصدكم ثم علل بقوله (فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي "رحمتي في ذوي الرحمة من عبادي") أي اسكنت المزيد منها فيهم، ومن لان قلبه وترطب بماء الرحمة فهو أهل للإحسان والنعمة (ولا تطلبوا) نهي إرشاد (الحوائج عند القاسية قلوبهم) أي الغليظة أفئدتهم (فلا ترزقوا ولا تنجحوا) وقاسي القلب لا يستحيي من الرد بل هو حرج الصدر جافي الطبع (فإن الله تعالى يقول إن سخطي) أي كراهتي وشدة غضبي (فيهم) أي جعلته فيهم لأن الرحمة تتخطى إلى الإحسان إلى الغير وكل من رحمته رق فلبك له فأحسنت إليه ومن لم يعط حظه من الرحمة غلظ قلبه وصار فظاً لا يرق لأحد ولا لنفسه فالشديد يشد على نفسه ويعسر ويضيق فهو من نفسه في تعب والخلق منه في نصب مكدوح الروح مظلم الصدر عابس الوجه منكر الطلعة ذاهباً بنفسه تيهاً وعظمة سمين الكلام عظيم النفاق قليل الذكر لله وللدار الآخرة فهو أهل لأن يسخط عليه ويغاضبه ليعاقبه. <تنبيه> أخذ بعضهم من هذا الوعيد أن قسوة القلب من الكبائر وحمل على ما إذا حملت صاحبها على نحو منع طعام المضطر. - (عق) من طريق محمد ابن أيوب بن الضريس عن جندل بن والق عن أبي مالك الواسطي عن عبد الرحمن السدي عن داود بن أبي هند عن [ص 540] أبي نضرة عن أبي سعيد قال العقيلي وعبد الرحمن مجهول لا يتابع على حديثه وداود لا يعرف وخبره باطل. (طس عن أبي سعيد) الخدري قال في اللسان وأظن محمد بن مروان يكنى أبا عبد الرحمن فوقع في رواية العقيلي أن أبا عبد الرحمن سقط من عنده أبي فبقي عبد الرحمن على أن محمد بن مروان لم ينفرد به بل فيه متابع وشاهد من حديث علي في المستدرك وغيره انتهى وأشار بذلك إلى الرد على ابن الجوزي في إيراده في الموضوعات. 1107 - (اطلبوا الخير) بهمزة وصل مضمومة (عند حسان الوجوه) وفي رواية للخطيب صباح الوجوه أي الطلقة المستبشرة وجوههم فإن الوجه الجميل مظنة لفعل الجميل وبين الخلق والخلق تناسب قريب غالباً فإنه قل صورة حسنة يتبعها نفس رديئة وطلاقة الوجه عنوان ما في النفس وليس في الأرض من قبيح إلا ووجهه أحسن ما فيه وأنشد بعضهم: دلّ على معروفه حسن وجهه * بورك هذا هادياً من دليل وأنشد بعضهم: سيدي أنت أحسن الناس وجهاً * كن شفيعي في هول يوم كريه قد روى صحبك الكرام حديثاً * اطلبوا الخير من حسان الوجوه وقيل أراد حسن الوجه عند طلب الحاجة بدليل أنه قيل للحبر: كم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج قال إنما نعني حسن الوجه عند طلب الحاجة أي بشاشته عند سؤاله وحسن الاعتذار عند نواله ويشهد له خبر الخطيب عن جابر مرفوعاً اطلبوا حوائجكم عند حسان الوجوه إن قضاها قضاها بوجه طليق فرب حسن الوجه ذميم عند طلب الحاجة ورب ذميم الوجه حسن عند طلب الحاجة انتهى ولا يعارضه ما سبق من أن حسن الوجه والسمت يدل على حياء صاحبه ومروءته لأنه غالبي وغيره نادر كما يشير إليه لفظ رب وقيل عبر بالوجه عن الجملة وعن أنفس القوم وأشرفهم يقال فلان وجه القوم وعينهم قال تعالى يدل على معرفة وحسن وجه * وما زال حسن الوجه إحدى الشواهد - (تخ) عن إبراهيم عن معن عن عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن امرأته صبرة عن أبيها عن عائشة وأورده ابن الجوزي عنه من طريقه ثم قال موضوع والمليكي متروك وتعقبه المؤلف بأنه ممن يكتب حديثه وبأنه لم ينفرد به (وابن أبي الدنيا في) كتاب فضل (قضاء الحوائج) أي في كتابه المؤلف في ثواب قضاء حوائج الناس عن مجاهد بن موسى عن معن عن يزيد بن عبد الملك النوقلي عن إبراهيم عن أبي أنس (ع) عن داود بن رشيد عن إسماعيل بن عياش عن صبرة بنت محمد بن ثابت عن سباع عن أمها عن عائشة قال الحافظ الزين العراقي وصبرة وأمها وأبوها لا أعرف حالهم (طب عن عائشة) قال الهيتمي فيه من لم أعرفهم (طب عن ابن عباس) بلفظ اطلبوا الخير إلى حسان الوجوه قال الهيتمي فيه عند الطبراني عبد الله بن خراش بن حوشب وثقه ابن حبان وقال ربما أخطأ وضعفه غيره وبقية رجاله ثقات (عد عن ابن عمر) ابن الخطاب قال ابن عبد الهادي في تذكرته بخطه قال أحمد محمد بن عبد الرحمن بن بجير راويه عن نافع عن ابن عمر ثقة وهذا الحديث كذب انتهى بلفظه (ابن عساكر عن أنس) بن مالك (طس عن جابر) قال الهيتمي وفيه عمر بن صهبان وهو متروك (تمام) في فوائده (قط في رواية مالك) بن أنس الإمام (عن أبي هريرة) قال أعني الهيتمي وفيه طلحة بن عمرو وهو متروك (تمام) في فوائده (عن أبي بكرة) قال الحافظ العراقي وطرقه كلها ضعيفة وبه يعرف أن المصنف كما أنه لم يصب في قوله في اللآلئ هذا الحديث في نقدي حسن صحيح لم يصب ابن الجوزي [ص 541] حيث حكم بوضعه ولا ابن القيم كشيخه ابن تيمية حيث قال هذا الحديث باطل لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى بل ذاك تفريط وهذا إفراط والقول العدل ما أفاده زين الحفاظ العراقي. 1108 - (اطلبوا الخير) أمر بمعنى الخبر كقوله تعالى ولقد أبدع المصطفى وأملح حيث أتى بجناس الاشتقاق بين عورات وروعات. - (ابن أبي الدنيا في) كتاب (الفرج) بعد الشدة (والحكيم) الترمذي في النوادر - - (هب حل) والقضاعي كلهم (عن أنس) بن مالك وفيه حرملة بن يحيى التجيبي قال أبو حاتم لا يحتج به وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين (هب عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه وقول البغدادي حسن صحيح غير صحيح. 1109 - (اطلبوا الرزق في خبايا الأرض) جمع خبيئة كخطيئة وخطايا أي التمسوه في الحرث لنحو زرع وغرس فإن [ص 542] الأرض تخرج ما فيها من النبات الذي به قوام الحيوان وقيل أراد استخراج الجواهر والمعادن من الأرض وإنما أرشد لطلب الرزق منها لأنه أقرب الأشياء إلى التوكل وأبعدها من الحول والقوة فإن الزارع إذا كرب الأرض ونقاها وقام عليها ودفن فيها الحب تبرأ من حوله وقوته ونفدت حيلته فلا يرى لنفسه حيلة في إنباته وخروجه بل ينظر إلى القضاء والقدر ويرجو ربه دون غيره في إرسال السماء ودفع الآفة مما لا حيلة لمخلوق فيه ولا يقدر عليه إلا الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض. ومن شعر ابن شهاب الزهري قوله في المعنى: تتبع خبايا الأرض وادع مليكها * لعلك يوماً أن تجاب وترزقا - (ع طب) في الأوسط (هب عن عائشة) قال الهيتمي فيه هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي ضعفه ابن حبان انتهى وقال النسائي ذا حديث منكر وقال ابن الجوزي قال ابن طاهر حديث لا أصل له وإنما هو من كلام عروة بل أشار مخرجه البيهقي إلى ضعفه بقوله عقبة هذا إن صح فإنما أراد الحرث وإثارة الأرض للزروع انتهى وفي الميزان عن ابن حبان مصعب بن الزبير ينفرد بما لا أصل له من حديث هشام لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد ثم ساق له هذا الخبر. 1110 - (اطلبوا العلم) الآتي بيانه (ولو بالصين) أي ولو كان إنما يمكن تحصيله بالرحلة إلى مكان بعيد جداً كمدينة الصين فإن من لم يصبر على مشقة التعلم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليها آل عمره إلى عز الدنيا والآخرة وقال علي كرم الله وجهه العلم خير من المال وقال وهب يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه دنياً والقرب وإن كان قصياً والغنى وإن كان فقيراً والنبل وإن كان حقيراً قال الرضي قد تدخل على الواو لو تدل على أن المدلول على جوابها بما تقدم ولا تدخل إلا إذا كان ضد الشرط المذكور أولى بذلك المقدم الذي هو كالعوض عن الجزاء من ذلك الشرط قال وكذا قوله اطلبوا العلم ولو بالصين والظاهر أن الواو الداخلة على كلمة الشرط في مثله اعتراضية ونفي بالجملة الاعتراضية ما يتوسط بين أجزاء الكلام متعلقاً به معنى مستأنفاً لفظياً على طريق الالتفات كقوله *فأنت طلاق والطلاق ألية* وقوله: * ترى كل ما فيها وحاشاك فانياً وقد يجيء بعد تمام الكلام كقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" (فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم) مكلف وهو العلم الذي لا يقدر المكلف بالجهل يه كمعرفة الصانع وما يجب له وما يستحيل عليه ومعرفة رسله وكيفية الفروض العينية والمراد بالمعرفة الاعتقاد الجازم لا على طريق المتكلمين من أحكام الحج والاستعداد لدفع الشبه فإنه فرض كفاية وكذا القيام بعلوم الشرع من تفسير وحديث وفقه وأصول وعلوم العربية فتعلم ذلك على كل مسلم مكلف حر ذكر غير بليد فرض كفاية وتعلم الزائد مندوب كتعلم النوافل للعبادة. - (ه هب عن أنس) بن مالك ثم قال أعني البيهقي متنه مشهور وإسناده ضعيف وقد روي من أوجه كلها ضعيفة. إلى هنا كلامه (وابن عبد البر في) كتاب فضل (العلم، عق) عن جعفر بن محمد الزعفراني عن أحمد بن أبي سريج الرازي عن حماد بن خالد الخياط عن طريف بن سلمان بن عاتكة عن أنس (عد) عن محمد بن حسن ابن قتيبة عن عباس ابن أبي إسماعيل عن الحسن بن عطية الكوفي عن أبي عاتكة (عن أنس) قال ابن حبان باطل لا أصل له والحسن ضعيف وأبو عاتكة منكر الحديث وفي الميزان أبو عاتكة عن أنس مختلف في اسمه مجمع على ضعفه من طريق البيهقي هذا المذكور عن أنس بن مالك قال السخاوي وغيره وهو ضعيف من الوجهين بل قال ابن حبان باطل لا أصل له وحكم ابن الجوزي بوضعه ونوزع بقول المزي له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن ويقول الذهبي في تلخيص الواهيات روي من عدة طرق واهية وبعضها صالح. [ص 543] 1111 - (اطلبوا العلم ولو بالصين) أي فيها مبالغة في البعد (فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم) ثم بين ما في طلبه من الفضل ومزيد الشرف بقوله (إن الملائكة تضع أجنحتها) جمع جناح (لطالب العلم) تبسطها له وتفرشها تحت قدميه أو تتواضع له تعظيماً لحقه أو تنزل عنده وتترك الطيران أو تعينه وتيسر له السعي في طلب العلم أو تظل لأجله ولا مانع من اجتماعها (رضى بما يطلب) أي رضى له بسبب العلم الذي يطلبه أو رضى بالعلم الذي هو طالبه وفيه كالذي قبله ندب الرحلة في طلب العلم وطلب العلو فيه (تتمة) أخرج الرهاوي والطبراني وغيرهما عن زكريا الساجي قال كنا نمشي في بعض أزقة البصرة لبعض المحدثين فأسرعنا فقال رجل ارفعوا أرجلكم عني أجنحة الملائكة لا تكسروها كالمستهزئ فما زال من محله حتى جفت رجلاه وسقط قال الرهاوي هذا كرأي عين لأن رواته أعلام. - (ابن عبد البر) في كتاب العلم عن أحمد بن عبد الله بن محمد عن مسلمة بن القاسم عن يعقوب بن إسحاق العسقلاني عن عبيد الله الفرياني عن أبي محمد الزهري (عن أنس) بن مالك قال في الميزان يعقوب كذاب انتهى وقال النيسابوري وابن الجوزي ثم الذهبي لم يصح فيه إسناد. 1112 - (اطلبوا العلم يوم الاثنين) لفظ رواية أبي الشيخ والديلمي فيما وقفت عليه من نسخة مصححة بخط الحافظ ابن حجر في كل يوم اثنين فكأن المصنف ذهل عنه أو تبع بعض النسخ السقيمة (فإنه ميسر لطالبه) فيه أي يتيسر له أسباب تحصيله بدفع الموانع وتهيئة الأسباب إذا طلبه فيه وذلك لأنه اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وجاء الوحي فيه ويشاركه في ندب الطلب فيه الخميس كحديث ابن عدي عن جابر اطلبوا العلم لكل اثنين وخميس فإنه ميسر لمن طلب وينبغي طلبه في أول النهار لخبر يأتي (أبو الشيخ [ابن حبان]) في الثواب - (فر) وكذا ابن عساكر (عن أنس) وفيه مغيرة عن عبد الرحمن أورده الذهبي في الضعفاء وقال قال ابن معين ليس بشيء ووقفه طائفة. 1113 - (اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري) أي تمر (بالمقادير) يعني لا تذلوا أنفسكم في الجد بالطلب والتهافت على التحصيل بل اطلبوا طلباً رفيقاً بعزة نفس وعدم تذلل للميول فإن ما قدر سيكون وما لم يقدر لم يكن فلا فائدة في الانهماك إلا إذاية الجسم وكثرة الهم. - (تمام) في فوائده (وابن عساكر) في تاريخه (عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة المازني ولأبويه صحبة زارهم المصطفى صلى الله عليه وسلم وأكل عندهم ودعى لهم رمز لضعفه. 1114 - (اطلبوا الفضل) أي الزيادة من الإحسان والتوسعة عليكم (عند) وفي نسخة إلى وهي بمعنى من (الرحماء من أمتي) أمة الإجابة (تعيشوا) بالجزم جواب الأمر (في أكنافهم) جمع كنف بفتحتين وهو الجانب (فإن فيهم رحمتي) كذا وجدته في النسخ المتداولة والظاهر أنه سقط قبله من الحديث فإن الله يقول أو نحو ذلك ثم رأيت الحافظ الذهبي وغيره ساق الخبر من هذا الوجه من حديث أبي سعيد مصرحاً بكونه قدسياً فقال أوله يقول الله اطلبوا الخير إلى آخر ما هنا وقال من عبادي بدل من أمتي وهكذا ساقه ابن الجوزي في الموضوعات وتبعه المؤلف في مختصرها فقال يقول الله عز وجل اطلبوا إلخ والمعنى إذا احتجتم إلى فضل غيركم من مال أو جاه أو معونة فاطلبوه عند رحماء هذه [ص 544] الأمة وهم أهل الدين والشرف وطهارة العنصر فإن من توفر حظه من ذلك عظمت شفقته فرحم السائلين وبذل لهم فضل ما عنده طلباً للثواب من غير من ولا أذى ولا مطل بل في ستر وعفاف وإغضاء فيعيش في ظله مع سلامة الدين والعرض ولا يسترقه ببره (ولا تطلبوا) الفضل (من القاسية قلوبهم) أي الفظة الغليظة قلوبهم (فإنهم ينتظرون سخطي) - (الخرائطي في) كتاب (مكارم الأخلاق) عن محمد بن أيوب بن الضريس عن جندل بن واثق عن أبي مالك الواسطي عن عبد الرحمن ابن السدي عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة (عن أبي سعيد) الخدري قال في اللسان ورواه الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن مروان السدي عن داود وكذا رواه ابن حبان في الضعفاء من هذا الوجه قال العقيلي عبد الرحمن السدي مجهول لا ينابع على حديثه ولا يعرف من وجه يصح وفي الميزان عبد الرحمن السدي عن داود بن أبي هند لا يعرف وأتى بخبر باطل ثم ساق هذا الخبر وقال خرجه العقيلي قال في اللسان ولفظ العقيلي عبد الرحمن السدي مجهول لا يتابع ولا يعرف حديثه من وجه يصح انتهى وقال الحافظ العراقي بعد ما عزاه للطبراني وفيه محمد ابن مروان السدي ضعيف جداً وقال تلميذه الهيتمي متروك انتهى ورواه الحاكم من حديث علي وقال صحيح قال العراقي وليس كما قال وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. 1115 - (اطلبوا المعروف) أي الإحسان قال الحراني المعروف ما أقره الشرع وقبله العقل ووافقه كرم الطبع قال ابن الأثير النصفة وحسن الصحبة مع الناس (من) وفي نسخة إلى وهي بمعنى من (رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم فإن اللعنة تنزل عليهم) يعني الأمر بالطرد والابعاد عن منازل أهل الرشاد قال ابن تيمية والمراد بهم هنا اليهود بقرينة تصريحهم بأن المراد هم في آية <فائدة> في مستدرك الحاكم بسند عن أبي جعفر من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس والقرآن السورة في جام بزعفران ثم يشربه. - (ك ه) في الرقاق (عن علي) أمير المؤمنين رضي الله عنه قال الحاكم في مستدركه صحيح ورده الذهبي بأن فيه الأصبغ بن نباتة واه جداً وحبان بن على ضعفوه انتهى. 1116 - (اطلع) بهمزة وصل مكسورة بصيغة الأمر (في القبور) أي أشرف عليها وانظر إليها وتأمل ما صار إليه أهلها من ذهاب الأموال وفناء الآمال وأكل الدود والتراب وانقطاع عن الأهل والأحباب والمصير إلى روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار قال ابن كمال أصل تعدية اطلع بعلى لما فيه من معنى الإشراف كما في الصحاح وعداه هنا بقي باعتبار تضمنه معنى النظر والتأمل والقبر الدفن يقال قبرت الميت أقبره بضم أو كسر قبراً دفنته وأقبرته أمرت بأن يقير والمراد هنا محل الدفن وقد شاع استعماله فيه والمقابر جمع مقبرة ولم يأت في القرآن إلا في {ألهاكم} (واعتبر) أي انعظ (بالنشور) أي انظر وتأمل في قيام الموتى من قبورهم للعرض، والحساب والاعتبار من العبرة بمعنى النظر في حال الأموات، فأمره بالنظر في القبور على وجه يترتب عليه الاعتبار المذكور وتتبعه العبرة في أحوال النشور ليقل أمل الناظر وبصدق زهده وفي الصحاح نشر الميت ينشر نشوراً عاش بعد الموت ومنه يوم النشور وفي الأساس إنه من المجاز أصله نشر بمعنى بسط. أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن من أعظم أدوية قسوة القلوب زيارة القبور وتأمل حال المقبور وما بعده من البعث والنشور الباعث على ذكر هازم اللذات ومفرق الجماعات وكذا مشاهدة المحتضرين وتغسيل الموتى والصلاة على الجنائز فإن في ذلك موعظة بليغة كما يأتي في خبر. - (هب) وكذا الديلمي (عن أنس) قال شكى رجل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فذكره وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل قال عقبة هذا متن منكر فحذف ذلك من كلامه غير صواب وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن يونس الكديمي من مناكيره وقال هذا أحد المتروكين واتهمه ابن عدي وابن حبان بالوضع. 1117- (اطلعت) بهمزة وصل فطاء مفتوحة مشدودة فلام مفتوحة أي تأملت ليلة الأسراء أو في النوم أو في الوحي أو بالكشف لعين الرأس أو لعين القلب لا في صلاة الكسوف كما قيل (في الجنة) أي عليها (فرأيت أكثر أهلها الفقراء) أي فقراء المدينة. ضمن اطلعت معنى تأملت، ورأيت معنى علمت، وكذا عداه إلى مفعولين ولو كان الاطلاع بمعناه الحقيقي كفاه مفعول واحد ذكره الطيبي. وهذا من أقوى حجج من فضل الفقر على الغنى والذاهبون لمقابله أجابوا بأن الفقر ليس هو الذي أدخلهم الجنة بل الصلاح (واطلعت في النار) أي عليها والمراد نار جهنم (فرأيت أكثر أهلها النساء) لأن كفران العطاء وترك الصبر عند البلاء وغلبة الهوى والميل إلى زخرف الدنيا والإعراض عن مفاخر الآخرة فيهن أغلب لضعف عقلهن وسرعة انخداعهن - وعورض هذا بأن هذا في وقت كون النساء في النار أما بعد خروجهن بالشفاعة والرحمة حتى لا يبقى فيها أحد من قال لا إله إلا الله فالنساء في الجنة أكثر وحينئذ يكون لكل واحد زوجتان من نساء الدنيا وسبعون من الحور العين ذكره القرطبي وغيره، ولفظ أحمد الأغنياء والنساء -وعورض أيضاً بخبر: رأيتكن أكثر أهل الجنة وأجيب بأن المراد بكونهن أكثر أهل النار نساء الدنيا وبكونهن أكثر أهل الجنة نساء الآخرة. وفيه حث على التقلل من الدنيا وتحريض النساء على التقوى والمحافظة من الدين على [ص 456] السبب الأقوى وأن الجنة والنار مخلوقتان الآن خلافاً لبعض المتزلة. - (حم م) في الدعوات (ت) في صفة جهنم (عن أنس) بن مالك (تخ) في صفة الجنة وغيره (ت) وكذا النسائي في عشرة النساء والرقائق فما أوهمه صنيع المؤلف من أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة غير صواب (عن عمران بن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين الخزاعي، كانت تسلم عليه الملائكة ورواه أحمد عن ابن عمرو باللفظ المذكور لكنه أبدل النساء بالأغنياء قال العراقي كالمنذري وسنده جيد. 1118- (أطوعكم لله) أي أكثركم طاعة أي انقياداً له من طاع يطيع ويطوع انقاد: أي أفضلكم بدين أو علم (الذي يبدأ صاحبه بالسلام) أي هو الأحمق بأن يبدأ صاحبه بالسلام عند التلاقي فإذا تلاقى اثنان فأكثر ندب أن يبدأ به الأفضل، هذا إذا كانا مارين أما لو كان أحدهما وارداً فهو الذي يبدأ بالسلام فاضلاً أو مفضولاً صغيراً أو كبيراً قليلاً أو كثيراً كما ذكره النووي قال الماوردي ومن مشى في الشارع المطروق كالسوق لا يسلم إلا على البعض لأنه إن سلم على كل من لقي تشاغل به عن المهم الخارج لأجله وخرج به عن العرف. - (طب عن أبي الدرداء) قال قلنا يا رسول الله إنا لنلتقي فأينا يبدأ بالسلام؟ فذكره، قال الهيتمي وفيه من لم أعرفهم. انتهى. 1119- (أطول الناس أعناقاً) بفتح الهمزة جمع عنق بالضم أي من أكثرهم رجاءاً وتشوقاً إلى رحمة الله تعالى لأن المتشوق إلى الشيء يتطاول بعنقه إلى التطلع والناس يومئذ في الكرب (يوم القيامة المؤذنون) للصلوات فهم يتطلعون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة أو المراد أكثرهم أعمالاً يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه وروي بكسرها أي أكثرهم إسراعاً إلى الجنة، والعنق بفتحتين السير بسرعة وأما ما نقله البيهقي عن الظاهري أن معناه أن المرء يعطش في الموفف فتنطوي عنقه والمؤذن لا يعطش فعنقه قائم فلا سياق يعضده ولا دليل يؤيده، ثم إنه لا يلزم من تمييز المؤذنين بهذا النعت أن لا يكون غيرهم أرفع درجة منهم لأسباب أخر، نعم أخذ منه النووي أنه أفضل من الإمامة وإنما لم يؤذن المصطفى صلى الله عليه وسلم لشغله بأمر الرسالة، على أنه أذن مرة في السفر كما في المجموع وغيره. - (حم عن أنس) قال الهيتمي رجاله رجال الصحيح اهـ ومن ثم رمز المصنف لصحته. 1120- (اطووا) إرشاداً (ثيابكم) يعني لفوها إذا نزعتموها لإرادة نحو نوم أو مهنة ولا تتركوها منشورة فإنكم إذا طويتموها (ترجع إليها أرواحها) يعني تبقى فيها قوتها والأرواح جمع روح شبهها بالحيوانات ذوات الأرواح على الاستعارة وليست هي جمع ريح كما وهم (فإن الشيطان) أي إبليس أو المراد الجنس (إذا وجد ثوباً مطوياً لم يلبسه) أي لم يسلط على لبسه بل يمنع منه من قبل خالقه إن اقترن طيه بالتسمية (وإن وجده منشوراً لبسه) فيسرع إليه البلى وتذهب منه البركة ويورث من لبسه بعد ذلك الغفلة عن ذكر الله والفتور عن العبادة والمراد بالثياب هنا ما يلبس من نحو قميص وجبة وإزار وسراويل ورداء وخف. ويؤخذ من العلة أن العمامة كذلك فيحلها إذا أراد نحو النوم ثم يكورها إذا أراد الخروج وأما ما لا يمكن طيه كقلنسوة ونعل فيكفي في حرمان الشيطان منه التسمية المقارنة للوضع. - (طس عن جابر) بن عبد الله وقال لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد انتهى قال الهيتمي وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو وضاع وقال السخاوي إسناده واه وأما خبر اطووا ثيابكم بالليل لا تلبسها الجن فتتوسخ [ص 547] فلم أره وفي كلام بعضهم أنها تقول اطووني ليلاً أحملكم نهاراً. 1121- (أطيب الطيب) أي أفضله وأشرفه (المسك) بكسر الميم فهو أفخر أنواعه وسيدها قال ابن القيم وأخطأ من قدم عليه العنبر كيف وهو طيب الجنة والكثبان التي هي مقاعد الصديقين فيها منه لا من العنبر والذي غر قائله أنه لا يتغير على مر الزمان كالذهب وهذه خصيصة واحدة لا تقاوم ما في المسك من الخواص وقال المصنف أطيب الطيب المسك والعنبر والزعفران وللمسك من بينهم مزيد خصوصية وله عليهم الفضل والمزية حيث جاء ذكره في التنزيل وذلك غاية التشريف والتبجيل قال الله تعالى
|